شغر موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية منذ نهاية شهر تشرين الاول الماضي 2022 واليوم تجرى مشاورات ومداولات لانتخاب رئيس جديد، وتطرح اسماء شخصيات سياسية ونيابية وايضا موظفين في الدولة من الفئة الاولى او ما يعادلها ،ولكن انتخاب احد هؤلا الموظفين يفرض تعديل المادة 49 من الدستور التي تضع شرطا وهو الاستقالة قبل سنتين قبل انتهاء ولاية الرئيس، وهذا التعديل في حال حصوله لن يكون للمرة الاولى لهذه المادة بل للمرة التاسعة منذ اقر الدستور اللبناني في العام 1926. واللافت ان اربع تعديلات منها كانت لاعتبارات شخصية ما يفقد الدستور قيمته السامية.
الية تعديل الدستور اللبناني
الدستور ليس نصا مقدسا لا يمكن تعديله، ووفقا لنص الدستور اللبناني ذاته يمكن تعديل الدستور من خلال طريقتين:
• الطريقة الاولى : بناء لاقتراح رئيس الجمهورية فترفع الحكومة مشروع قانون التعديل الى مجلس النواب لاجراء التعديل المطلوب
• الطريقة الثانية: بناء لطلب مجلس النواب، فيحق لمجلس النواب خلال عقد عادي
(يعقد مجلس النواب خلال كل سنة عقدين عاديين عقد اول من اول ثلاثاء يلي 15 اذار وحتى نهاية شهر ايار، وعقد ثان من اول ثلاثاء يلي 15 تشرين اول وحتى نهاية السنة) بناء لاقتراح 10 نواب على الاقل ان يبدي اقتراحه باكثرية الثلثين من مجموع الاعضاء الذين يتألف منهم قانونا، عندها يطلب رئيس مجلس النواب من الحكومة في حال وافقت على اقتراحه باكثرية الثلثين من اعضائها ، ان تضع مشروع التعديل وتحيله الى مجلس النواب .
المادة 49 وتعديلاتها
خضعت المادة 49 من الدستور منذ اقراره في العام 1926 وحتى اليوم الى 8 تعديلات
• النص الاساسي: نصت المادة 49 عند وضعها على التالي: ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من الشيوخ والنواب الملتئمين في مجمع نيابي ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورة الاقتراع التي تلي، وتدوم رئاسته ثلاث سنوات، ولا تجوز اعادة انتخابه مرة ثالثة الا بعد ثلاث سنوات لانقضاء ولايته، ولا يجوز انتخاب احد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا الشروط التي تؤهله للنيابة .
• التعديل الاول: في العام 1927 عدلت بحيث اصبح الانتخاب يتم بغالبية الثلثين من مجلس النواب وذلك بعد الغاء مجلس الشيوخ.
• التعديل الثاني: في العام 1929 عدلت بحيث اصبحت مدة ولاية رئيس الجمهورية ست سنوات ولا يجوز اعادة انتخابه الا بعد ست سنوات من انتهاء ولايته، ولا يستفيد رئيس الجمهورية الحالي من هذه الفقرة الجديدة بحيث تنتهي ولايته في العام 1932.
• التعديل الثالث :في العام 1947 الغيت الفقرة التي تمنع رئيس الجمهورية الحالي (حينها) من الاستفادة من تمديد الولاية .
• التعديل الرابع : في العام 1948 واصبح بصورة استثنائية يمكن اعادة انتخاب رئيس الجمهورية الحالي وهو الشيخ بشارة الخوري مرة ثانية، ما اعتبره البعض حينها انتهاكا لقيمة الدستور
• التعديل الخامس: في العام 1990 بعد اتفاق الطائف وهو التعديل الاهم، اذ اضيفت الى المادة 49 فقرة تمنع انتخاب القضاة وموظفي الفئة الاولى، وما يعادلها في جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين اللتين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم أو تاريخ احالتهم على التقاعد. فقبل العام 1990 كان يمكن انتخاب هؤلاء دون شرط الاستقالة وهكذا انتخب قائد الجيش فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية في العام 1958، وحاكم المصرف المركزي الياس سركيس رئيسا في العام 1976. وينقل عن وزير الخارجية السعودية الامير سعود الفيصل انه اثناء مناقشة وثيقة الطائف مع الرئيس السوري حافظ الاسد طلب اضافة هذه الفقرة وكان حينها تحت هاجس حركة قائد الجيش العماد ميشال عون، وبرر طلبه كي لا يستخدم كل من قائد الجيش او حاكم المصرف المركزي الجيش او الليرة للوصول الى رئاسة الجمهورية.
• التعديل السادس: في العام 1995 وتم بموجبه لمرة واحدة وبصورة استثنائية تمديد ولاية رئيس الجمهورية وكان حينها الياس الهرواي 3 سنوات، وجاء هذا التعديل لمصلحة شخص.
• التعديل السابع :في العام 1998 وتم لمرة واحدة وبصورة استثنائية امكانية انتخاب موظفي الفئة الاولى وما يعادلها لرئاسة الجمهورية، وانتخب قائد الجيش حينها العماد اميل لحود رئيسا للجمهورية، وجاء هذا التعديل لمصلحة شخص.
• التعديل الثامن: في العام 2004 وتم بموجبه تمديد ولاية الرئيس اميل لحود 3 سنوات اضافية، وجاء هذا التعديل وللمرة الرابعة لمصلحة شخص.
جلسة انتخاب الرئيس ميشال سليمان
بعد اتفاق الدوحة والتوافق على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية عقد مجلس النواب جلسة يوم الاحد في 25 -5- 2008 لانتخاب الرئيس الذي تم التوافق حول اسمه وهذا ما يستلزم تعديلا للمادة 49 من الدستور، وتحدث كل من النواب بطرس حرب وحسين الحسيني ونايلة معوض وجورج عدوان مؤكدين تأييدهم انتخاب سليمان ولكن هناك ضرورة لتعديل المادة 49 وهذا يمكن ان يتم في وقت وجيز، اما موقف الرئيس نبيه بري جاء مخالفا و اصر انه بعد الشغور الرئاسي سقطت المهل ويمكن انتخاب الرئيس دون تعديل المادة 49 وتعتمد المادة 73 من الدستور التي توجب انتخاب الرئيس، وهذا ما حصل وتم انتخاب سليمان رئيسا ونال 118 صوتا .
اليوم قد يتكرر الامر ذاته فهل يتم تعديل المادة 49 من الدستور للمرة التاسعة لانتخاب رئيس للجمهورية في حال كان المرشح احد موظفي الفئة الاولى، ام تعتمد حالة انتخاب الرئيس ميشال سليمان؟