لم يكد المشهد الاقتصادي يطغى على ذاك السياسي في ظل ركود تشهده الساحة على كافة الاصعدة خصوصا رئاسة الجمهورية منها، حتى خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري بتصريح وصف فيه مرشح المعارضة ميشال معوض بالتجربة الانبوبية، ما استدعى ردودا متتالية منها للقوات اللبنانية على لسان رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات الوزير السابق ريشار قيومجيان، الذي عاد ليعتذر عن تصريحه حين استخدم مصطلح «زواج المتعة» لتوصيف العلاقة بين الثنائي حزب الله-أمل وحلفائه ما أثار زوبعة من الردود الأخرى طغت على تصريح بري.
حول الخلاف مع الرئيس نبيه بري يقول رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور لـ «السهم»: «الخلاف هو خلاف مع كل مكونات فريق ٨ آذار وليس مع فريق بعينه وتتفاوت الخلافات مع هذا الفريق .. الخلاف له ثلاث مستويات، الأول يتعلق بمفهوم الدولة السيدة على أرضها والا يكون هناك ازدواجية في السلاح والمفهوم الثاني يتعلق بمنطق المؤسسات وادارتها لجهة أنه كان يجب أن تتم الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية وان يكون هناك اصرار على انتخاب ضمن المهلة، فالدستور ليس وجهة نظر؛ بل وجد ليطبق والأمر الثالث يتعلق بالمسالة الرئاسية لجهة أن يكون في سدة الرئاسة شخصية سيادية إصلاحية تستطيع إخراج لبنان من أزمته وليس شخصية ممانعة تبقي لبنان وسط الأزمة القائمة.. الخلاف الأخير بدأ من خلال موقف الرئيس بري ومقابلته الصحافية والرد على موقف الرئيس بري من خلال النائب ميشال معوض جاء كرد على موقف أطلقه بري وبالتالي لا يمكن أن نتهم من رد على الرد بأنه من افتعل الموقف. من دخل في هذا السجال هو الرئيس بري وكان حري به كرئيس للبرلمان والنائب ميشال معوض هو عضو في هذا البرلمان، أن يأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر وتكون مواقفه مدروسة لأنه في نهاية المطاف سيضع عينه في عين ميشال معوض. الكلام الذي قيل كان يستدعي توضيحاً من الرئيس بري حول خلفيته ومقصده لانه يتجاوز الإطار السياسي إلى المسّ بالجانب الشخصي للنائب معوض»..
وهل كان يعرف د. سمير جعجع بتصريح قيومجيان قبل إطلاقه أم لا، يؤكد جبور: «د. جعجع لا يطلع مسبقاً على المواقف. نواب القوات والمسؤولين في حزب القوات اللبنانية أحرار بالتصريح انطلاقا من السقف السياسي للحزب وطبعا بالنسبة لنا لدينا مسألة أساسية نبتعد عنها وهي كل ما يمت بصلة للجانب الطائفي في لبنان لأننا نعتبر المواجهة سياسية بامتياز ولا علاقة للجانب الطائفي بهذه المواجهة وفُهِم ما قصده الوزير قيومجيان على غير محمل. قصد المقارنة بين الزواج الماروني الذي له طابع الديمومة وزواج المتعة وله طابع قصير المدة.. وهذا ما قصده وفهمت الأمور على غير محملها، ما دفع قيومجيان لإصدار بيان اعتذار ومع الاعتذار تنتهي المسألة وهذه الخطوة فيها كِبَر، وهو بالطبع لم يخف من البيانات المتتالية وتقدم باعتذار وهذه مسألة يجب أن تقدّر وتثمّن. واضح أن ما كان يقصده من خلفية سياسية وليس طائفية إطلاقا..»
وعن ترقبات القوات اللبنانية للوضع الرئاسي يجيب جبور: «الأمور متوقفة، طالما فريق الممانعة يتمسك بمنطقه بين مزدوجين فهو لا يتحدث بمنطق، لناحية إما الشغور والفوضى وإما مرشحه، هذا لا يصحّ، ما كان يصح في مراحل سابقة لم يعد يصح اليوم مع الانهيار والوضع الكارثي الذي وصل اليه لبنان وبالتالي على هذا الفريق أن يلتقي مع المساحة اللبنانية المشتركة الأخرى لجهة الإنقاذ.. الإنقاذ لا يمكن أن يُؤمّن من مربع الممانعة فالاخيرة خربت لبنان وإخراج لبنان من أزمته يتطلب الركون إلى سياسات مختلفة. بالنسبة إلينا الاستحقاق الرئاسي يجب أن يشكل مدخلا لإخراج لبنان من انهياره وليس ترشيح الانهيار وتثبيته وهو ما يصر عليه فريق الممانعة من خلال إعادة ترشيح شخصيات تدور لي فلكه بينما الإنقاذ يتطلب الخروج إلى الفلك الإصلاحي.»
وهل يبقى معوض المرشح الرسمي للقوات اللبنانية: «يبقي النائب ميشال معوض المرشح الرسمي لمكوّنات المعارضة التي تبنت ترشيحه وهذه المكونات أبدت في محطتين مرونة واضحة وقد رشحت معوض لانه يتمتع بصفتي السيادة والإصلاح وقالت في نفس الوقت في حال تم التوافق على شخصية سيادية إصلاحية هي على استعداد مع النائب معوض لدعم وتبني هذه الشخصية، وهذا ما حصل مع قائد الجيش، في حال كان هناك توافق على قائد الجيش وايضا أكدت انفتاحها على أي مرشح يتمتع بصفات السيادة والإصلاح كما النائب معوض وبالتالي الأبواب مفتوحة بينما الفريق الآخر تحت عنوان حماية ظهر المقاومة، أي المقاومة التي خربت لبنان، يصر على إيصال مرشح من صفوفه بحجج واهية.»
وما صحة ما قاله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنه تم الاتفاق على اسم معوض على متن يخت أنطوان الصحناوي في الشاطئ الفرنسي: «لم اسمع هذا التصريح على لسان النائب السابق وليد جنبلاط لا من قريب ولا من بعيد. هو من أبرز القوى السياسية التي اقترحت النائب ميشال معوض قبل القوات اللبنانية. وهذا الكلام أنا متأكد انه لا يصدر عن جنبلاط وهو كان من الداعمين الأساسيين لترشيح معوض»..
ونسأل رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب القوات اللبنانية، شارل جبور : «لكن جنبلاط عاد وتخلى عن معوض»، فيجيب : «لم يحدث أن تخلى عنه اطلاقا وما زال يسعى إلى محاولة تدوير الزوايا للخروج من المأزق الرئاسي، لا بل بالعكس الحركة التي قام بها جنبلاط اربكت وكشفت الفريق الممانع حيث قدم ثلاثة أسماء وبنفس الوقت حافط على تبنيه لمعوض وحين قدم الأسماء الثلاثة تلك، أظهر الفريق الآخر أنه غير مستعد للنقاش حيث التقى جنبلاط وفد حزب الله لمرتين متتاليتين والتقى النائب جبران باسيل، ولكن هذا الفريق يصر على مرشحين ممانعين وبالتالي كشفت حركة جنبلاط الفريق الممانع بأنه لا يريد أن يبحث في موضوع الرئاسة بل يريد أن يبقيها مسيطراً عليها من قبل ذراع طهران في لبنان».