لن يكون هناك اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي في المدى المنظور، ليس فقط لأن السلطة يعتريها الشغور الرئاسي والحكومي، بل لأن الخلاف ما زال مستمرا لجهة تحميل الدولة جزءا كبيرا من المسؤولية في استعادة الودائع، فالإعتراف بهذا الأمر يعني عمليا أن كل من تعاقبوا على السلطتين التنفيذية والتشريعية هم مسؤولون عما وصلت إليه البلاد وبالتالي وجب ملاحقتهم على الأقل بسوء الإدارة وهدر الأموال وهذا ما لن يقبلوا به لا اليوم ولا غدا.
في المنطق الاقتصادي والمالي إن عدم التوصل إلى هكذا اتفاق يعني استمرار التدهور والإنهيار، ولكن هذه الكارثة لا تترافق مع تحرك شعبي واسع يشكل خطرا على من هم في السلطة فهؤلاء أصبحوا مطمئنين إلى الأمور التالية:
١-لا وجود لحركة اعتراضية فاعلة ومؤثرة في الرأي العام وقد عزز عدم وجودها خيبة الأمل مما عُرف بالثورة وما أفرزته من نواب.
٢-وجود فئات من المواطنين وعلى الرغم من كل ما يعانونه هم على استعداد للدفاع عمن هم في السلطة تحت شعارات مذهبية وطائفية ولأنهم استفادوا ويستفيدون من هذه الجهات.
٣- تأقلم غالبية اللبنانيين مع الوضع المتدهور ولو بنسب معينة والأدلة على ذلك كثيرة تبدأ من زحمة السير والإقبال على السوبر ماركت ولا تنتهي بالإقبال على المطاعم والأماكن السياحية.
٤-يشكل شريان المغتربين واحدا من أجهزة التنفس التي تعتمدها هذه السلطة، فحضورهم إلى لبنان وإنفاقهم للأموال فيه أو إرسالها إلى ذويهم يحسن من مستوى عيش المواطنين فيسكتون عما يحصل من ارتكابات وتجاوزات.
٥-انتظار ما ستسفر عنه عمليات التنقيب عن الغاز والنفط في البلوك رقم ٩، وفي اعتقاد من هم في السلطة أن اكتشافا تجاريا سيتحقق وسيكون مصدرا للأموال التي سيستفيدون منها وستؤمن ديمومة سكوت الناس.
هناك مشكلة واحدة فقط يبحث من هم في السلطة عن حل لها وهي ماذا سيحدث بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومن سيتولى إدارة السياسة النقدية في عز الإنهيار؟
التفتيش عن حل لهذه المشكلة قائم على قدم وساق وهناك من يمني النفس بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية سلامة، ولكن إن لم يحصل ذلك فلن يتوانى هؤلاء عن ابتداع حل لا يوقف تدهور الليرة ولكن يبقي انهيارها على إيقاع مدروس.