عقدة انتخابات بلدية بيروت طائفية وهل تقسيمها هو الحل ؟

.

مع بدء التحضيرات الخجولة حتى اليوم، للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة قبل 31 ايار 2023 اذ يبرز احتمال كبير بتأجيلها بسبب الاوضاع السياسية والمالية التي يمر بها لبنان، ظهرت عقد انتخابات بلدية بيروت نتيجة غياب التوافق السياسي وتركيبة الناخبين الطائفية ذات الاكثرية الساحقة المسلمة ، ما دفع بالمسيحيين الى المطالبة بتقسيم البلدية الى بلديتين تأمينا للتوازن .

خلفية تاريخية
لم يكن الانتخاب هو السمة الاساسية في بلدية بيروت بل كان التعيين، فقبل العام 1952 كان مجلس الوزراء يعين كامل اعضاء مجلس بلدية بيروت، وفي ذلك العام تم تقسيم العاصمة الى 5 دوائر انتخابية مجموع أعضائها 12 عضوا منتخبين، على أن يعين مجلس الوزراء 12 عضواً ليصبح المجموع 24 عضواً، وبعد ذلك كان مجلس الوزراء يمدد للمجلس او يعيين اعضاء جدد ، ومع صدور قانون البلديات الحالي في العام 1977 الغى التعيين وارسى مبدأ الانتخاب لجميع الاعضاء ال 24 الذي تأجل نتيجة الحرب حتى العام 1998.

وفي الانتخابات البلدية التي جرت في الاعوام 1998-2004-2010- 2016 تم التوافق بين القوى السياسية وعلى رأسها تيار المستقبل والرئيس رفيق الحريري ونجله الرئيس سعد الحريري على تشكيل لائحة توافقية تضمن تمثيل جميع المكونات الطائفية لان التركيبة الطائفية للناخبيين في غياب التوافق كان من شانها ان تقصي المسيحيين على المجلس البلدي .

كما تميزت هذه الانتخابات بعدم اكتراث الناخبين ،ما انعكس تراجعا في نسبة الاقتراع اذ بلغت في انتخابات العام 1998 نسبة 33% وانخفضت في العام 2004 الى 24% والى 18.1% في انتخابات العام 2010 وسجلت نسبة 20.1% في الانتخابات البلدية الاخيرة التي جرت في العام 2016.
تركيبة المجلس البلدي واعداد الناخبين
يبلغ عدد اعضاء بلدية بيروت 24 عضوا ودرج العرف ان يتم توزيعهم مناصفة:
– 12 مسلما وهم: 8 سنة – 3 شيعة -1 درزي.
-12 مسيحيا وهم : 4 ارثوذكس-3 ارمن ارثوذكس -2 موارنة -1 روم كاثوليك- 1 انجيلي -1 اقليات مسيحية .
على ان يكون رئيس المجلس البلدي من الطائفة السنية ونائبه من طائفة الروم الارثوذكس.

لكن تركيبة الناخبين الطائفية لاتعكس هذه التركيبة فاكثريتهم ( 48.8% ) من المسلمين السنة ، من هنا كان التوافق السياسي شرطا اساسيا للحفاظ على التوازن الطائفي وعدم طغيان اكثرية الناخبين المسلمين ، واستنادا الى نتائج الانتخابات النيابية في العام 2022 فقد بلغ عددالناخبين في بيروت ( في الدائرتين الاولى والثانية) 505688 ناخبا يتوزعون طائفيا كما في الجدول التالي ، حيث يشكل المسلمون بطوائفهم المختلفة ( سنة – شيعة-دروز –علويون) نسبة 66.1% والمسيحيون نسبة 33% .وهذا ما يجعل من المناصفة امرا صعبا.

جدول يبين توزع الناخبين في مدينة بيروت وفقا للطائفة في العام 2022

هل التقسيم هو الحل؟
ازاء هذا الخلل الطائفي الكبير لمصلحة المسلمين على حساب المسيحيين ، وفي غياب التوافق لغياب الجهة الاساسية التي كانت تضمنه وترعاه( تيار المستقبل والحريري ) او لعدم رغبة المسيحيين بالسعي الدائم الى هذا التوافق للحفاظ على المناصفة داخل المجلس البلدي ، تطرح الاحزاب والقوى المسيحية السياسية والدينية مبدأ تقسيم بلدية بيروت الى بلديتين على غرار ما هي مقسمة الى دائرتين في قانون انتخاب اعضاء مجلس النواب ، فتشكل الدائرة الاولى التي تضم احياء الاشرفية –الرميل – المدور – الصيفي ،بلدية للمسيحيين ، بينما تشكل الدائرة الثانية التي تضم احياء المزرعة- زقاق البلاط – الباشورة- المصيطبة – ميناء الحصن – دار المريسة –راس بيروت – المرفأ ،بلدية للمسلمين .على ان يضم المجلس البلدي في الاولى عددا قليلا من الاعضاء المسلمين ، وكذلك يضم المجلس البلدي في الثانية عددا قليلا من الاعضاء المسيحيين ، طبعا هذا الطرح الذي يرى فيه المسيحيون حلا يرفضه المسلمون ويعتبرون انه يصب في اتجاه تقسيم الوطن انطلاقا من تقسيم بلدية العاصمة التي يجب ان تبقى موحدة ، وهنا يبرز طرح ثالث يتضمن اقرار قانون يوزع مقاعد المجلس البلدي ال 24 تبعا للطائفة ووفقا للمناصفة على ان تنتخب الاحياء في بيروت ممثليها في المجلس البلدي كل منها على حدى. وكما يبرز طرح رابع باعطاء المقيمين المالكين في بيروت منذ اكثر من 20 عاما حق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية ما يفتح الباب على نقاش لاينتهي الى اي حل ليبقى الواقع الحالي كما هو .

بلدية بيروت : الصراع شبه الدائم بين المحافظ ورئيس البلدية.
يشهد العمل البلدي في بلدية بيروت صراعا شبه دائم بين المحافظ الذي ينتمي وفقا للعرف الى طائفة الروم الارثوذكس ، ورئيس المجلس البلدي الذي ينتمي وفقا للعرف الى الطائفة السنية ، ويكون الانقسام والصراع كبيرا عندما يكون كل منهما في اتجاه سياسي مختلف عن الاخر فتضيع مصالح الناس في صراع الطوائف والسياسة ، وسبب هذا التعارض هو قانون البلديات الحالي الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 118 تاريخ 30 -6-1977الذي ينص في مادته 67 على التالي: «يتولى السلطة التنفيذية في البلدية رئيس المجلس البلدي، وفي بلدية بيروت يتولاها المحافظ» . وقد يكون تعديل القانون هو المدخل للحل .