فحصية الاطباء على خط الدولرة.. زيارته تكلف المواطن ٢٥ دولار

.

ضربة صحية جديدة تلقاها المريض، بعدما باتت فحصية الطبيب ب٢٥ دولارا أي ما توازي نصف راتبه. تحارب الدولة الفقير اليوم في صحته، حتى المرض بات يخشاه.

لا يكفيه أن لكل مستشفى دولارها الخاص المختلف عن دولار السوق السوداء، حتى دخلت فحصية الطبيب على خط الدولرة. واقع مأساوي آخر يرزح تحت وطأته المواطن، يعيش حالة رعب، صدمة، قلق، ماذا لو أصيب بوعكة صحية مفاجئة، ماذا يعمل؟
لا عجب إن ودَّع الناس اليوم عصر الطبابة، ولا عجب إن عادوا للطب العربي القديم، كل شيء وارد. فالوضع بات أكثر صعوبة وقساوة.
ربما يرى الأطباء في خطوة نقابتهم انفراجا على خط واقعهم، فهم أيضا بحاجة إلى جرعة ثبات في البلد، كثيرون هاجروا وتركوا فراغا داخل المستشفيات التي أقفلت اجزاء منها.
ولكن للمريض أيضا حق، ليست كل الناس ميسورة، هناك شريحة واسعة تحت خط الفقر.

بعض المرضى لا يبالون بالتسعيرة الجديدة، «يدفعون دون تأفف» وفق ما يقول الدكتور إلياس، بل وفقا لوصفهم «على قلبهم كالعسل»، هذه الفئة لا تشكل كل المجتمع، فهناك شريحة واسعة تعيش براتب ٤ ملايين ليرة لبنانية في الشهر، ستقف حائرة كيف تصرفها. بدفع فاتورة الطبيب أم الدواء أم الكهرباء أو البنزين في كلتا الحالتين، يؤكد الدكتور إلياس «الناس ستتعايش دون أي اعتراض».

سبق الدكتور إلياس خطوة النقابة ووضع تسعيرته بالدولار، ظن أن المرضى سيحتجون، ولكن لم ينبس أحد ببنت شفة، يفاجئون قليلا، يدفعون، ثم يمضون في رحلة بحثهم عن الدواء.

انهار البلد، ربما، قد يحتاج بعض الوقت الإضافي، فخطوة الدولرة التي تنسحب من قطاع إلى آخر، ستترك تداعيات على موظفي القطاع العام، والمقاومين وعمال غاب الطلب في مؤسسات كهرباء لبنان والمياه، وما عدا ذلك، كل المصالح تعتمد الدولار في تعاملاتها.
ما يعني أنّ الخناق سيزدّاد فقط على القطاع العام، الذي يتجه من نكسة إلى أخرى، ومع كل زيادة يحصل عليها، يرتفع الدولار وتزيد الضرائب، أو على ما يقول أحد العمال «يعطوننا من ميل وبياخدوهم مرتين من الميل التأني».

صحيح أن الصدمة رافقت رانيا وهي تدفع فحصية الطبيب المدولرة، غير أنها لم تعترض، دفعت ومضت، وكثر مثلها، غير أنها تؤكد عجزها عن الذهاب مرة ثانية إلى الطبيب.

لرانيا ثلاثة أولاد، لو أصيبوا جميعهم بنزلة برد قاسية واحتاجوا إلى طبيب، ما يعني أنها ستدفع ٧٥ دولارا أي راتب ونصف، عدا الدواء. تقلق من الأمر، تدعو الله أن تمن الصحة على أولادها، كي لا تصاب بجلطة.

نعم، يتسلح المواطن اليوم بالدعاء، بات يخشى كل شيء، حتى الموت، الأخير بات يقلق الجميع لكلفته المرتفعة. على ما يبدو أن الحكومة والسلطة الحاكمة تحضر للمواطن كل يوم «مفاجأة»، بالأمس دولرة السوبر ماركت، اليوم الطبابة، وغدا الدولار والمحروقات، إذا «لشو العملة الوطنية»، ليتخذ الدولار عملة وطنية، وتنهي مسرحية الدولرة.

حتى المستشفيات الخاصة لها دولارها الخاص، فهو زيادة عن دولار السوق السوداء، بحجة تأمين المستلزمات الطبية، فإلى أين نحن متجهون وهل بات المواطن قادرا على العلاج.

بقي رزق قرابة الشهر يؤخر دخوله إلى المستشفى، مع حاجته إلى ذلك، قدميه ويديه متورمين من شدة ضغط القلب، فهو يعاني قصورا في عضلات القلب، بقي يؤخر دخوله حتى تمكن من توفير جزء من العلاج الذي يفوق ال٨٠ مليون ليرة.

رزق حاليا في المستشفى، غير أنه قلق من الفاتورة، كثر مثله يؤجلون الطبابة لأنهم عاجزون عن ذلك، حتى عن زيارة الطبيب، قد يكون مرضى القلب والكلى والأمراض المستعصية الأكثر تأثرا بالدولرة، خاصة وأن لا ضمان ولا تغطية صحية كافية.

يجزم رزق أنه يفضل الموت على ذله بفاتورة المستشفى، لا أملك منها شيئا وننتظر التبرعات، فكيف مع الدولرة التي يخضع حتما لزيادة الأسعار.