رجل أعمال منتحر يورط «دويتشه بنك»!

.

كاظم شبير- «فايننشال تايمز» –

وافق دويتشه بنك على دفع غرامة قدرها 150 مليون دولار لإخفاقات تتعلق بالامتثال في تعاملاته مع جيفري إبستين، رجل الأعمال المتهم باستغلال قاصرات لأغراض الجنس، إضافة إلى دانسكي بنك إستونيا وبنك إف بي إم اي.

قالت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك الثلاثاء إن المصرف الألماني أدار ملايين الدولارات من المعاملات المشبوهة المحتملة من قبل إبستين بما في ذلك مدفوعات لمتآمرين مزعومين وعارضات أزياء روسيات إضافة إلى عمليات سحب نقدية مشبوهة بقيمة 800 ألف دولار.

وكشفت ليندا لاسويل المشرفة على الخدمات المالية في بيان لها «على الرغم من معرفة البنك بالتاريخ الإجرامي الرهيب لابستين، فإنه فشل بشكل لا مبرر له في اكتشاف أو منع ملايين الدولارات من المعاملات المشبوهة».

وتعد هذه التسوية أول إجراء قانوني ضد أحد البنوك بسبب تعاملاته مع ابستين، الذي أدين في عام 2008 بتهمة استغلال قاصر بغرض الجنس، ثم ألقي القبض عليه العام الماضي بتهم فدرالية بالاتجار بفتيات قاصرات لأغراض الجنس والدعارة.

وكان ابستين وجد ميتاً في زنزانته في السجن في أغسطس الماضي بينما كان ينتظر المحاكمة على خلفية اتهامات بتهريب بشر لأغراض جنسية، فيما اعتبر انتحارا. كما أنها أحدث عقوبة مالية تفرض على دويتشه بنك، الذي كان دفع مليارات الدولارات كغرامات وتسويات لعدد من قضايا سوء السلوك على مدى العقد الماضي.

وقال كريستيان سيوينغ، الرئيس التنفيذي لدويتشه، في مذكرة داخلية اطلعت عليها «فايننشال تايمز»: «كان قبول ابستين كعميل في عام 2013 خطأ فادحاً وما كان ينبغي أن يحدث أبداً».

وقال سيوينغ لمحطة سي إن بي سي الثلاثاء «سمعتنا هي أثمن ما لدينا، ونحن نأسف بشدة لما حصل، ارتكب دويتشه بنك خطأ فادحا في قبول التعامل مع ابستين»، مضيفا أن «هناك عواقب شخصية على مستوى الإدارة العليا نتيجة لإخفاقات تتعلّق بالامتثال، لقد تعلمنا درسنا».

وكشف أمر الموافقة الصادر عن دويتشه عن تفاصيل جديدة بشأن أموال ابستين، مثل صندوق ائتماني يعرف باسم «صندوق الفراشة»، الذي يشمل المستفيدون منه متآمرين مزعومين وعددا من النساء اللواتي يحملن أسماء عائلات من أوروبا الشرقية.

وكان ابستين أرسل أكثر من 120 عملية تحويل تصل قيمتها إلى 2.65 مليون دولار إلى المستفيدين من الصندوق مقابل «نفقات الفنادق والرسوم الدراسية والإيجار»، وفقا لأمر الموافقة، الذي فصل أيضا مدفوعات مالية لتسويات بقيمة تفوق 7 ملايين دولار ونفقات قانونية تزيد على 6 ملايين دولار. بالإضافة إلى ذلك، سمح البنك لمحامي ابستين، لم يكشف عن اسمه، بسحب نحو 800 ألف دولار نقدا بين عامي 2013 و2017 تحت مبرر أنها كانت ضرورية للسفر والإكراميات والنفقات، بحسب إدارة الخدمات المالية في نيويورك.

إخفاقات إجرائية

كما حددت الجهة التنظيمية سلسلة من «الإخفاقات الإجرائية والأخطاء والغموض» في تعامل دويتشه مع أكثر من 40 حسابا فتحها إبستين بين 2013 و2018، عندما أنهى البنك العلاقة معه بعد أن أعادت الصحافة تسليط الضوء على جرائم ابستين الجنسية.

وسبق لدويتشه أن واصل علاقته مع ابستين على الرغم من التساؤلات والشكوك التي كانت تحوم حول سلوكه. ففي يناير 2015، التقى اثنان من موظفي دويتشه مع إبستين واستجوباه حول تقارير عن جرائمه الجنسية التي عادت إلى الظهور في الصحافة.

ويبدو أن الموظفين كانا «راضين عن رد إبستين»، وفقا للجهة التنظيمية في نيويورك، لكن دويتشه قال إنه ليس لديه سجل حديث لمضمون الاجتماع.

وفي ذلك الشهر أيضا، اجتمعت لجنة المخاطر المتصلة بالسمعة بالبنك في الولايات المتحدة لتقييم علاقة إبستين تقييما كاملا. وقالت الجهة التنظيمية إن اجتماع اللجنة لم يستغرق دقائق، ولم يكن للشروط الإضافية التي فرضتها تأثير يذكر، حيث لم يتم إبلاغ جميع أعضاء الفريق الذي يتعامل مع إبستين بها.

كما ذكرت تسوية الثلاثاء، التي أشارت الى «التعاون المثالي» الذي أبداه دويتشه، أن البنك الألماني «فشل في اتخاذ الاجراءات المناسبة» لمنع بنك دانسكي استونيا من تنفيذ عمليات مصرفية مشبوهة بمليارات الدولارات من خلال حسابات في نيويورك.

وبين عامي 2007 و2015، عمل دويتشه كبنك وسيط (بنك مراسل تتم عبره كل المعاملات المصرفية الخارجية الخاصة ببنك محلي من تحويلات خارجية واعتمادات مستندية وغيرها) لفرع دانسكي الإستوني، الذي يشتبه في أنه قام بغسل 200 مليار يورو من أموال دول الاتحاد السوفيتي السابق. وخلال تلك الفترة، قام أكبر مقرض في ألمانيا بأعمال المقاصة لما يزيد على 160 مليار يورو لفرع دانسكي الإستوني الصغير.

في عام 2015، توقف دويتشه بنك عن القيام بأعمال المقاصة لفرع دانسكي الإستوني، بعد أن بدأت إدارة الرقابة والضوابط الداخلية في رصد والإبلاغ عن كمية متزايدة من المعاملات المشبوهة، والتي رفع فيها البنك تقريرا إلى السلطات. وقالت الجهة التنظيمية إن دويتشه فشل أيضا في رصد والتعامل مع مؤشرات تحذيرية في علاقته مع بنك اف بي ام اي في قبرص.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على اف بي ام اي في عام 2015 بسبب مخاوف تتعلّق بغسل الأموال. واعترف دويتشه بنك بوجود أوجه قصور في علاقته مع مصرفي دانسكي واف بي ام اي، لكنه أضاف «لم يكن هناك أي عمل متعمد من قبل أي شخص داخل البنك لتسهيل النشاط غير القانوني. لقد استثمرنا ما يقرب من مليار دولار في تحسين التدريب والرقابة والضوابط، وزدنا فريقنا لمكافحة الجرائم المالية إلى أكثر من 1500 شخص».

أخبار ذات صلة