حقوق المشتبه بهم.. بين القانون والواقع المرير!

يجب تصوير الإستجواب صوتاً وصورة

.

من منا لم يسمع بالقاعدة القائلة أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته؟
إن أعمال القاعدة المذكورة يوجب منح المشتبه فيه حقوقه كاملةً، كإنسان، كمواطن وكطرف معني بملاحقة جزائية وذلك طيلة فترة الملاحقة أي من لحظة القبض عليه أو احتجازه لحين صدور حكم بحقه وتنفيذه للحكم في حال تمت ادانته. ولا بد أيضاً من التوفيق في هذا الإطار بين المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان من جهة وحقوق المجتمع والضحية من جهة أخرى أي ضرورة التوصل إلى معرفة الحقيقة ومعاقبة الفاعل وكفِّ شرِّه عن الآخرين.

لعل لحظة إلقاء القبض على المشتبه فيه، هي أكثر اللحظات التي قد يشعر فيها بأنه ضعيف، سيما إذا لم يكن على معرفة بالحقوق التي يتمتع بها في هذه المرحلة. لذلك سوف نعرض أهم حقوق المشتبه فيه المحتجز أي ذلك الذي يتم إلقاء القبض عليه واستجوابه واحتجازه للإشتباه بكونه إرتكب جرماً جزائياً أو الذي يحضر طوعاً بناءً على استدعائه بإشارة النيابة العامة ويتقرر احتجازه، كل ذلك بحسب ما تلحظه نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني والتعديل الأخير الذي طرأ عليها منذ بضعة أشهر بموجب القانون رقم 191 تاريخ 16/10/2020.

حقوق المشتبه فيه:
– إن إحتجاز المشتبه فيه لا يتم إلا بموجب إشارة من النيابة العامة، إذ إن القضاء هو السلطة الوحيدة المولجة سلطة الإحتجاز والتوقيف والحكم بعقوبات مناعة للحرية بحق الأشخاص. وفي حال احتجاز المشتبه فيه بدون قرار من النيابة العامة، يتعرض الضابط العدلي الذي قام بالإحتجاز للملاحقة بجرم حجز حرية إضافة إلى عقوبة مسلكية.

– يتم الإحتجاز في الحالات التي تتوفر فيها شبهات قوية على الشخص المعني.

– لا يمكن أن تزيد مدة الإحتجاز عن 48 ساعة قابلة للتمديد لمدة مماثلة بموجب قرار صادر عن النيابة العامة.

– يمنع ممارسة أية أعمال عنف أو إكراه بحق المشتبه فيه فيتمكن من الإدلاء بأقواله بإرادة واعية وحرة.

– يحق للمشتبه فيه أن يمتنع عن الكلام وأن يلتزم الصمت، ولا يحق للقائم بالتحقيق إكراهه على الكلام وإلا كان الإستجواب باطلاً.

– يحق للمحتجز أن يطلب عرضه على طبيب لمعاينته على أن تتم المعاينة دون حضور أي من الضباط العدليين.

– يحق للمشتبه فيه أن يطلب الإتصال بأحد أفراد عائلته، بمحاميه، بصاحب عمله أو بأحد معارف.

– يحق للمشتبه فيه أن يستعين بمحام لحضور استجوابه أو لمقابلته على انفراد بصورة تضمن سرية المحادثة وذلك دون الحاجة إلى وكالة منظمة وفقاً للأصول أي أنه يتم الإكتفاء بتصريح المشتبه فيه بتوكيل المحامي. ولا يجوز مباشرة التحقيق بغياب المحامي إلا في حالة الجريمة المشهودة والضرورة القصوى التي يجب شرح تفاصيلها في المحضر.

– إذا تعذر على المشتبه فيه توكيل محامٍ لأسباب مادية، يعين القاضي المشرف على التحقيق محام له بواسطة مندوب يعين خصيصاً لهذه الغاية من قبل كل من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس.

– على الضابطة العدلية إلتزام السرية التامة في جميع الإجراءات التي تقوم بها. وفي حال أفشي مضمون رسائل أو أسرار يحرص المشتبه فيه على كتمانها، يلاحق الضابط بجرم إفشاء سرية التحقيق.

– يحق للمشتبه فيه أن يطلب الإستعانة بمترجم محلف إذا لم يكن يحسن اللغة العربية أو إذا كان أجنبياً.

– يجب إبلاغ المشتبه فيه بحقوقه كافة وتدوين واقعة إبلاغه بها في المحضر وموقفه لناحية الإستفادة منها أو لا وتوقيعه على المحضر.

– يحقُّ للمشتبه فيه بأن يتم الإستماع إلى أقواله بالسرعة الممكنة وعدم المماطلة بالقيام بذلك.

– يحق للمشتبه فيه بأن تتم احاطته علماً بالصفة التي يستجوب على أساسها والشبهات القائمة ضده والأدلة المؤيدة لها لكي يتمكن من تفنيدها والدفاع عن نفسه.

– يجب أن تكون إجراءات الإستجواب أو الإستماع إلى أقوال المشتبه فيه مصورة بالصوت والصورة بدءاً من لحظة تلاوة حقوقه على أن ترفق التسجيلات بمحضر التحقيقات تحت طائلة بطلان المحضر والإجراءت اللاحقة له. ويعود الحق بالإطلاع على التسجيلات المذكورة للقاضي والمستجوب ووكيله والمدعي ووكيله فقط.

بقراءة الحقوق المعروضة آنفاً قد يتهيأ للقارئ اللبناني بأن حقوقه مصانة إلى أبعد حد في التطبيق العملي. إلا أنه سرعان ما يصاب بخيبة أمل، إذ إن الواقع المرير يطيح بما قد يأمل به المواطن أو بجزء منه في ظل ما نشهده من معاناةٍ يمر بها المحتجزون، ناهيك عن أن النظارات لم تزل بمعظمها غير مجهزة بالتقنيات اللازمة لتسجيل مجريات التحقيق بالصوت والصورة، الأمر الذي يحرم المحتجز من أهم وسيلة توثيق لأي مخالفة للأصول التي عرضناها والتي كرس لها المشرع مواد قانونية قد تفقد فعاليتها إذا لم تقترن بما يثبت مخالفتها.

أخبار ذات صلة