أبريل 26, 2024

اخبار ذات صلة

احتياطي الدولارات في المركزي رهنُ اندلاع الحرب

يكرّر حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، في كل مناسبة، على مسامع الاعلام قرار الامتناع عن تمويل الدولة، سواء بالدولار او بالليرة. وكان لافتا، انه أعاد التذكير بهذا القرار، في الفترة التي كانت اندلعت فيها حرب غزة، وساد القلق حيال احتمال انتقالها الى لبنان عبر البوابة الجنوبية.

طبعا، من المرجّح ان منصوري لم يتعمّد توقيت التذكير بقرار وقف تمويل الدولة، للايحاء بأنه سيستمر في تنفيذ هذا القرار، حتى في حال اندلعت الحرب في لبنان، وشنّ العدو الاسرائيلي عدوانا عليه وعلى أهله. بل ان تصريحه هذا، جاء في سياق اعتياده على تكرار التذكير بالقرار، من باب التشديد على التمسّك به. لكن، وبما ان هذا الموقف صودف صدوره في حقبة القلق من وصول الحرب الى لبنان، فان السؤال الذي ينبغي أن يُطرح اليوم، هو هل ان مصرف لبنان قادر على التمسّك بقراره، اذا اندلعت الحرب فعلا في لبنان؟

للاجابة على سؤال من هذا النوع، لا بد من التذكير ببعض الحقائق التي يعاني منها البلد حاليا، ومن اهمها:
اولا- يواجه القطاع الصحي أزمة لا يُستهان بها، خصوصا على مستوى القطاع العام (المستشفيات الحكومية)، وبالتالي، لا يستطيع هذا القطاع المساعدة في تخفيف معاناة الجرحى والمصابين في اية حرب مقبلة. كما ان المستشفيات الخاصة في وضع غير مريح، لكنها تستطيع ان تساعد، في حال توفر الدعم المالي. لكن خزينة الدولة فارغة، ولا تستطيع ان تمول عمليات الاستشفاء للجرحى في المستشفيات الخاصة.
ثانيا- البنى التحتية في اسوأ اوضاعها، ومن ضمنها المياه والكهرباء. وبالتالي، من المؤكد ان الدولة عاجزة هنا ايضا، عن تمويل اية تصليحات او اعادة اعمار ما قد يتم تدميره، من معامل انتاج او شركات تحويل ونقل للتيار الكهربائي.
ثالثا- ان عدم توفر الاموال، لا يسمح للدولة بتقديم اية مساعدات في عمليات النزوح، ولاحقا في عمليات اعادة اعمار المنازل.
رابعا- ستكون الجهات المعنية عاجزة عن الدفاع عن استقرار سعر الصرف، ومن البديهي ان الضغط على الليرة سيرتفع الى مستويات غير مسبوقة، وسيؤدي ذلك الى انهيارات كبيرة في سعر الصرف، بما سيؤدي الى تعميق وتوسعة حالات الفقر والعوز في المجتمع.

هذه الصورة القاتمة التي يفرضها واقع اساسي يتعلق بالوضع المالي والاقتصادي للدولة وللبنانيين في هذه الحقبة، لا يترك مجالا للشك في ان الدولة ستضطر الى البحث عن اي مخرج مالي يمكن ان يساعدها على مواجهة الأزمة الطارئة المرتبطة بنتائج الحرب. مع الاشارة هنا، الى ان الحاجة الى الاموال ستكون خلال الحرب، وبعد توقف القتال، وسيحصل ذلك في غياب المساعدات الخارجية السخية، كتلك التي جرى تقديمها بعد حرب تموز 2006.

من هنا، يمكن الاستنتاج، وبناء على ان الحاجة ستتجاوز كل المحظورات، ستضطر الدولة الى مدّ اليد على الاحتياطي المتبقي من اموال المودعين في مصرف لبنان، والذي يبلغ حوالي 8 مليار دولار. وتستطيع الدولة ان تبتكر وسائل عدة للحصول على هذه الاموال، من بينها إصدار قانون يتيح لها الاقتراض من مصرف لبنان. وسبق لمنصوري أن ألمح الى أن المركزي لن يقرض الدولة، لكنه قد يضطر الى تنفيذ اي قانون يصدره مجلس النواب، ويفرض عليه ذلك. كما لا يمكن ان نُسقط من الحسبان، ان منصوري وكل المجلس المركزي في مصرف لبنان، سيكون محرجا كثيرا ولن يستطيع الرفض، كما يفعل اليوم، لأن الثناء الذي يحصل عليه حاليا بفضل قرار الامتناع عن تمويل الدولة، قد يتحول الى انتقادات واستهجان اذا رفض السماح باستخدام الاموال لانقاذ الارواح، ومساعدة اللبنانيين في ويلات الحرب.

هذه المشهدية تبدو منطقية، ولا يمكن التصدّي لحصولها اذا وقعت الحرب. وبالتالي، هناك قلق حاليا، على المستوى المالي والاقتصادي، من ان الخسائر التي ستتسبّب بها الحرب في حال وصولها الى لبنان، ستؤدي الى وضع مأساوي بعد انتهائها، حيث سيتم انفاق ما تبقى من دولارات في المركزي، وستصبح قضية اعادة الودائع، او جزء منها الى اصحابها، مستحيلة تماما، وسيدخل البلد مرحلة انهيار استثنائية أقسى بكثير من الحالة التي مرّت عليه حتى الان، منذ اواخر العام 2019. وستكون مسألة بيع الذهب مطروح بدورها، بحيث سيتم تسريع الافلاس التام الذي يخشاه البعض، وستحل المصيبة في فترة قصيرة بعد انتهاء الحرب.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً