مارس 28, 2024

اخبار ذات صلة

الغرب لبوتين: «خذ أوكرانيا.. وأعطنا غزة»!

بعكس واشنطن، خصمها اللدود، وباقي الغرب المؤيد بشكل أعمى لإسرائيل، تسعى موسكو إلى أن تمسك العصا في الوسط فيما يتعلق بالخلاف الفلسطيني- الإسرائيلي، وتبقي على قنواتها الدبلوماسية والسياسية مفتوحة مع طرفي الحرب الأخيرة التي انطلقت في السابع من أكتوبر، أي مع حركة المقاومة الإسلامية – حماس وإسرائيل. كان وفد من حماس برئاسة عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق قد وصل الجمعة الماضي إلى العاصمة الروسية والتقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. في أجندة الروس من خلال اللقاء بحماس، هدفان: الأول سياسي، يريد الردّ على أميركا والغرب من حيث اعتبار حماس «غير إرهابية» بل هي حركة مقاومة مسلحة تسعى لتحرير أرضها. والثاني «إنساني» يريد حثّ حماس على القبول بتبادل الأسرى مع إسرائيل. والأفضلية لدى روسيا، إطلاق سراح ٦ أسرى يحملون الجنسية المزدوجة الروسية – الإسرائيلية كانت حماس قد أسرتهم في غلاف غزة خلال عملية السابع من أكتوبر. وأوحت حماس للعالم بأنها مستعدة لإعطاء دور لروسيا في ملف الأسرى. هذا الأمر أزعج إسرائيل ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية دعوة كبار مسؤولي حماس لموسكو «خطوة فاحشة تدعم الإرهاب وتضفي الشرعية على الفظائع التي يرتكبها مقاتلو حماس». وأضاف بيان للخارجية «ندعو الحكومة الروسية إلى طرد إرهابيي حماس على الفور».

وسارع المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى القول أن الوفد الفلسطيني التقى بممثلي وزارة الخارجية الروسية، لكنهم لم يلتقوا بالرئيس فلاديمير بوتين.
وأضاف بيسكوف للصحافيين: «نرى أنه من الضروري مواصلة اتصالاتنا مع كل الأطراف، وبالطبع سنواصل حوارنا مع إسرائيل».
كما أصدرت السفارة الروسية في إسرائيل بياناً شددت فيه أن «محاولات اتهام روسيا بدعم الإرهاب في سياق اتصالاتها في منطقة الشرق الأوسط غير مقبولة، فالجانب الروسي يدين العنف ضد المدنيين بأي شكل من الأشكال ومن أي جهة أتى».
وأضاف البيان: «موقف روسيا ثابت وغير قابل للتغيير، وقد تم تأكيده مراراً وتكراراً على جميع المستويات، فنحن ندين بشدة استخدام الأساليب الإرهابية، بما في ذلك قتل المدنيين، واحتجاز النساء والمسنين والأطفال كرهائن، والذين يجب إطلاق سراحهم، ونؤكد أن استخدام جميع أشكال العنف ضد المدنيين أمر غير مقبول، بغض النظر عن الجهة المعتدية».
وتابعت السفارة الروسية: «نعتبر محاولات اتهامنا بدعم الإرهاب غير مقبولة تهدف إلى تشويه وتقويض نهجنا ومبادئنا، والتشكيك في مصداقية مساعينا الرامية لإيجاد حلول سريعة لأهم القضايا الإنسانية العاجلة وذات الأولوية والتي تلبي مصالح مواطني روسيا وفلسطين وإسرائيل في هذا الصراع، إلى جانب الدول الأخرى».

لكنّ الروس أكملوا خطواتهم الضاغطة باتجاه «تصحيح الوضع الإنساني» في غزة خصوصاً في ظل القصف الإسرائيلي الذي تخطى «الخطوط الحمر الإنسانية» فقدموا مشروعاً في مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار وفتح معبر رفح لإدخال المواد الغذائية والمواد الطبية والمحروقات الضرورية للفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة. لكنّ القرار لم يمر طبعاً بعد فيتو متوقع من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

هل تنجح روسيا وتعيد طرح مشروع مشابه؟ لا يبدو ذلك، مع تعنت أميركا وتوقيعها لإسرائيل «على بياض» ومع رفض الأوروبيين (المنادين عادة بالإنسانية) حتى لهدنة إنسانية!
الروس يبدون أكثر ميلاً للحق الفلسطيني. يتبلور موقفهم نحو المطالبة «بعدم الكيل بمكيالين» في موضوع «الإنسان». يعارضون الموقف الغربي المنحاز كلياً لإسرائيل. في الغرب يصرّحون و«يصرخون» من أجل «الإنسان الإسرائيلي» الذي قتل وأسر في ٧ أكتوبر، ويصمّون آذانهم ويغلقون عيونهم أمام «الإنسان الفلسطيني» الذي يذبح أقلّه منذ ٧ أكتوبر حتى اليوم! (فهو يقتل ويؤسر منذ ٧٥ عاماً). هذا الكيل غير العادل إلتقطته روسيا لتعمل على توضيحه في المحافل الدولية. كما أن الروس، الخبراء في شؤون المنطقة، عادوا لتأكيد موقفهم المنادي «بحل الدولتين». أي بمعنى آخر، هي إشارة ضمنية لإسرائيل والغرب بأن عملية حماس جرت بناء على فقدان الأمل بقيام دولة لفلسطين. حل الدولتين هو حل للفلسطينيين، وأيضاً لإسرائيل.

لكن هل يستطيع الروسي أن يقدّم شيئاً على الأرض لمحاولة وقف إطلاق النار في غزة؟ تجيب مصادر عليمة في موسكو أن «ليس عند الروس شيء على الأرض في فلسطين وإسرائيل، وهم لن يدخلوا باشتباك مع أحد لفرض وقف إطلاق النار إنسانياً. لكن ستظل الدبلوماسية الروسية نشطة من خلال ضغطها في مجلس الأمن ومن خلال تواصلها مع الأطراف سواء إسرائيل أو الفلسطينيين بمختلف فصائلهم. وكذلك من خلال تواصلهم مع الإيرانيين». هل بسبب انشغالهم العسكري في أوكرانيا؟ «حتى لو لم يكونوا منشغلين بحرب مع أوكرانيا، لا يتدخل الروس في فلسطين عسكرياً».

الأوساط الروسية تعتبر أنه بعدما فشل الغرب في أوكرانيا وجهوا كل إعلامهم و«تصاريحهم» نحو غزة. «حرام الإسرائيليين، حرام المستوطنين، حرام الأطفال، حرام النساء.. في المستوطنات». هكذا يحاول الغربيون أن «يُنسوا شعوبهم أوكرانيا». هناك في أوكرانيا، بحسب النظرة السائدة في روسيا، وضعت واشنطن وحلفاؤها مليارات الدولارات تسليحاً ودعماً، ولم يصلوا إلى نتيجة تذكر أمام التفوق الروسي. الآن يضعون كل ثقلهم في غزة، لدعم حليفتهم إسرائيل. لماذا؟ كي يبرروا فشلهم في أوكرانيا. في هذه الأثناء، الروس يتقدمون في أوكرانيا. والهجوم المعاكس الذي بدأه الجيش الأوكراني ضد الجيش الروسي، فشل كلياً.
ليس واضحاً إلى أين تذهب روسيا، وتحديداً الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا. كان قد سئل: «أين ستتوقف في أوكرانيا؟ ما هي المناطق التي ستتوقف عندها في هجومك؟». أجاب: «لا تهمني المناطق. سأصل إلى حيث يكون شعب روسي للدفاع عنه». فهم المشاهدون أنه سيوسع الهجوم ولن يتوقف في حدود جغرافية معينة، أقلّه حتى الآن.

Facebook
WhatsApp
Twitter

اقرأ أيضاً